Image Not Found

سوق مطرح .. عراقة تجتذب السياح

مطرح ـ العمانية

تعد ولاية مطرح بمحافظة مسقط من الولايات العمانية الساحلية التي تتميز بموقعها الاستراتيجي المهم على بحر عُمان.
ويحد الولاية من جهة الشرق “حلة مطيرح” ومن الغرب “مدينة القرم” بولاية بوشر ومن الشمال بحر عُمان ومن الجنوب نهاية “حلة وادي عدي”.

وسُميت ولاية مطرح بهذا الاسم (كما تشير المصادر) للدلالة على وجود مرسى للسفن ولهذا يُقال (طرحت السفينة مرساتها) بمعنى رست ووقفت وهناك من يقول إن مطرح دلالة على طرح البضائع.

والزائر إلى ولاية مطرح لابد له أن يمر على سوقها الشعبي لأنه ليس مجرد سوق للتبضع بل يتعدى ذلك إلى ممارسات يومية للحياة تحكي عراقة هذه المدينة، حيث يعد من الأسواق العمانية ذات الطابع التقليدي وهو مقصد للزوار من داخل وخارج السلطنة للاستمتاع بعبق ماضيه التليد بما يوفره من مقتنيات ومشغولات يدوية قديمة وعدد من السلع المختلفة.

ويتميز سوق مطرح بممراته الضيقة والمتعرجة والمسقوفة بالخشب وكثرة الأزقة والسكك التي تصطف عليها المتاجر مما يحجب أشعة الشمس المباشرة ولهذا أطلق عليه أهل البلد سابقًا تسمية “سوق الظلام” حيث تتضاعف العتمة في الأيام الغائمة، ويطلق بالتحديد تسمية سوق الظلام على الجزء الذي يمتد من (مسجد اللواتيـا) إلى (خور بمبه) وهناك تسمية أخرى لهذا السوق بشقيه الغربي والشرقي اللذين تفصل بينهمـا فتحـة خور “بمبه” وهي السوق الصغير أما السوق الكبير فيطلق على سوق “الجملة”.

وفي أروقة السوق تنتشر روائح العطور والبخور واللبان العماني والقهوة وتتواجد الحلوى العمانية في مكان يختزل فصولا تاريخية تعود إلى مئات السنين ولعل هذا ما جعل الزائر يعود إليه في كل مرة.

ويلفت انتباه زائر سوق مطرح المشغولات اليدوية كالفضيات والخناجر والأسلحة التقليدية، حيث تتوزع المحلات بين الممرات الضيقة التي يتجاوز عمر أقدمها (370) عامًا.

يقول أخطر بن رسول بخش البلوشي صاحب محل تحف وهدايا “عُمر محلنا يتجاوز 80 عامًا ونحن ورثناه عن آبائنا وأجدادنا وهو من أقدم المحلات في سوق مطرح ونبيع فيه الفضة والخناجر والتحف والهدايا”، مشيرا إلى أن ذلك جعل الكثير من الزوار الأوروبيين إلى جانب الزوار العرب يأتون لزيارته في كل مرة.

واللبان العماني والبخور والمجامر لها حضور أيضا في سوق مطرح والتي تحظى بإقبال كبير من قبل الزوار العمانيين والعرب والأجانب الذين يقبلون على شراء اللبان خاصة اللبان “الحوجري” الذي يستخدم في التداوي، كما أن هناك إقبال على شراء البخور والمجامر العمانية التي تتوفر معنا بكميات كبيرة.

تشير كتب التاريخ إلى أنه تم بناء سوق مطرح في السابق كان من الطين والسعف إذ تتكيف هذه المواد مع درجة الحرارة العالية ومع مختلف الظروف البيئية على مر الزمن.

وفي عهد النهضة المباركة لجلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ جددت بلدية مسقط السوق وقامت بتجميله من خلال وضع الزخارف المستوحاة من البيئة العمانية واستخدام الخامات المحلية التي حافظت على طابعه التقليدي .. كما عملت على رصف الطرق والأزقة التي ساعدت على تسهيل الحركة بين جنباته المختلفة.

كما قامت بلدية مسقط بوضع سلالم للمحلات في السوق بشكل هندسي منظم ووحدت لون واجهاتها بحيث تبرز المعالم الحضارية للمكان، كما أعادت تصميم مداخل السوق عـلى شكل أقواس لتوحيد المنظر العام، مما أعطى السوق تجديدًا في المكان وحافظ على مكانته التقليدية فأصبح إلى يومنا الحاضر موقعًا سياحيًا يجمع القريب والبعيد.

والزائر لسوق مطرح الشعبي يأتي من مختلف ولايات السلطنة لتجمعه بالآخرين بين جنباته أحاديث في شتى الموضوعات التي تأتي بشكل عفوي مع الهدف الأساسي لزيارة السوق التاريخي الذي يعد من أقدم الأسواق في المنطقة.

ويعد سوق مطرح من الأماكن الجاذبة لمحبي التصوير والتقاط الصور سواء أكانت للذكرى أو كمناظر عامة حيث يجد المصورون في تفاصيل السوق الكثير نواحِي جمالية ما يجعلهم يعودون إليه في كل مرة فهذه البقعة التاريخية تختزل الكثير من الحكايات التي تتمثل الزقة والمباني التاريخية والزخارف وتفاصيل حياة الإنسان اليومية.

ولم تتغير مطرح كثيرًا عن السابق فلا تزال رائحة الماضي والحكايات القديمة باقية مع تغير الزمن رغم فقدانه بعض كبار السن الذين كانوا يسطرون تاريخ هذا السوق من خلال ممارسة نشاطاتهم التجارية المختلفة اليومية.

ومتى غادر الزائر سوق مطرح تودعه قلعة “مطرح” التاريخية التي تكمن بين زواياها الكثير من الأسرار التي تكونت طيلة العقود والأزمنة الماضية.